أمير الجيتار”.. هكذا سُمي الموسيقي الراحل عمر خورشيد، الذي ما أن
تتذكره حتى تنساب إلى مخيلتك تلك الألحان الرومانسية الرائعة التي تجمع بين
سحر الشرق وحيوية الغرب.
غادر الدنيا مبكراً في سن صغيرة جداً (36 عاماً) لكنه حقق في فترة قصيرة ما يمكن أن يحققه أي شخص في عشرات السنوات.
كان مبدعاً، ومحباً لعمله، عشقه الأول والأخير، حيث كان يقدس عمله الفني
ويعتبره فوق كل شيء. كان كما يحكي أصدقائه محبوباً من الجميع، كريماً مع كل
من يعرفه، فارساً في أخلاقه ومعاملاته.
ومن المؤكد أنه لو امتد به العمر لكان حقق أضعاف ما حققه في عمره القصير، ولكانت الموسيقى قد شهدت المزيد من التطور على يديه.
اختار صديقه وعضو فرقته الموسيقية محمد أمين أن يحدثنا عن حياته وفنه لنكتشف مزيد من الأسرار عن الراحل أمير الجيتار.
من هو عمر خورشيد؟
وُلد عمر خورشيد في 9 أبريل 1945 في أسرة فنية عريقة، فوالده أحمد
خورشيد هو أستاذ التصوير السينمائي، وكانت تربطه علاقات عديدة بنجوم
السينما وكبار الشخصيات في الوسط الفني والكتاب والأدباء والمثقفين ورواد
الموسيقى.
أما والدته فكانت من سيدات المجتمع وقيل عنها أنها كانت جميلة جداً، وقد انفصلت عن والده وعمر في سن صغيرة.
عمر له شقيقة واحدة هي جيهان، وأختين غير أشقاء من والدته منهما الفنانة
شريهان، كما لديه أربعة إخوة ذكور من والده وأخت واحدة توفيت منذ سنوات في
حادث سيارة.
وكان البعض يعتقد أن اعتماد خورشيد هي والدة عمر ولكن الحقيقة أنها كانت
زوجة والده، ولم يعش معها إلا فترة قصيرة جداً من طفولته، حيث انتقل بعدها
ليعيش مع والدته.
كيف كانت حياته الأسرية؟
تزوج عمر خورشيد أربع مرات وأنجب ابنة واحدة.
كانت زيجته الأولى من أمينة السبكي، وهي تنتمي لكبرى العائلات المصرية
وقد كان حفل الزفاف أسطورياً، فبالإضافة لأنه أقيم في هيلتون كبرى فنادق
القاهرة وفي أكبر قاعة في مصر وهي قاعة ألف ليلة وليلة، إلا أنه قد حضره
كبار الشخصيات العامة من سياسيين وفنانين وأدباء ورجال دولة أشهرهم كوكب
الشرق أم كلثوم التي حضرت الحفل لنهايته وكذلك الموسيقار الراحل محمد عبد
الوهاب.
ثم تزوج ميرفت أمين، ثم خبيرة الماكياج الفاتنة اللبنانية دينا، وأخيراً مها أبو عوف.
كيف تعلم الموسيقى؟
أحب عمر خورشيد الموسيقى في سن صغيرة جداً، حيث تأثر بالجو الفي الذي
نشأ فيه، وعشق آلة الجيتار فالتحق بقسم الموسيقى في أحد الكنائس بحي
الزمالك حيث كان يسكن، وكان لا يجيد العزف على تلك الآلة في البداية لأن
أصابعه كانت قصيرة نسبياً، فاعتذر أستاذه عن تدريبه ونصحه بالعزف على آلة
أخرى. لكن عمر لم يستسلم وأصر على التدريب على نفس الآلة التي يعشقها.
لم تكن والدة عمر خورشيد راضية عن تعلمه للموسيقى، فالأسر المصرية
الكبيرة في ذلك الوقت كانت تعتبر الموسيقى شيء تافه يصلح أن يكون هواية
وليس عملاً.. وأصرت والدته على أن يلتحق عمر بكلية الحقوق لأنها كانت تأمل
أن يصبح محامياً.. لكن عمر لم يكن يهوى إلا الموسيقى، فتعثر في دراسة
القانون فترك الكلية والتحق بقسم الفلسفة بكلية الآداب التي تخرج منها بعد
11 عاماً!!
في مقابل ذلك، اهتم عمر خورشيد بدراسة الموسيقى، حيث التحق بالأكاديمية
الملكية بلندن، وصقل موهبته بتعلم العديد من الألوان الموسيقية الشرقية
والغربية.
مشوار خورشيد الفني
بدأ عمر خورشيد مشواره الفني عازفاً للجيتار في العديد من الفرق
الموسيقية الغربية، وذاعت شهرته بين الشباب في أوساط الطبقة الراقية من
مرتادي نادي الجزيرة والفنادق العريقة في القاهرة.
وكانت بدايته القوية حين تعرف بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في
لقاءاته معه في نادي الجزيرة، واستخدم عبد الحليم ذكاءه المعهود في محاولة
لتعريف الجمهور بالشاب العازف المبدع من ناحية، ومن ناحية أخرى اكتساب
جمهور جديد لصالحه.
وعرض العندليب على عمر العمل معه في الفرقة الماسية. ثم لم يمر وقت طويل
حتى اختارته كوكب الشرق أم كلثوم للعمل معها ولم يتجاوز عمره 22 عاماً
فكان أصغر أعضاء فرقتها.
وبعد أن ذاعت شهرته وتعرف عليه الجمهور، اختطفته الشاشة الفضية حيث وضع
الموسيقى التصويرية لحوالي 60 فيلماً سينمائياً ومسلسلاً تلفزيونياً.
أنشأ عمر خورشيد فرقته الموسيقية الخاصة التي تحمل اسمه وعملت مع مشاهير الفنانين وقدمت عشرات القطع الموسيقية من تأليفه.
زار عمر خورشيد العديد من دول العالم لنشر فنه وموسيقاه منها فرنسا
وأستراليا والولايات المتحدة. وتعرف في أسفاره على العديد من الشخصيات
العربية والأجنبية وكانت له صداقات مع مشاهير العالم في الفن والموسيقى
والسياسة والأدب.
عمر خورشيد في السينما
منذ أن ذاعت شهرته، وبسبب وسامته الملحوظة، اقتحم عمر مجال السينما
أولاً كممثل ثم منتج. فقد شارك في أعمال سينمائية خالدة مع كبار النجوم
مثل: ابنتي العزيزة – ذئاب على الطريق – العاطفة والجسد – جيتار الحب – حتى
آخر العمر – عندما يغني الحب – التلاقي – العرافة – دموع في ليلة الزفاف –
العاشقة. وقد أنتج فيلمي العاشقة والعرافة.
حفل توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية
من أهم المحطات في حياة عمر خورشيد هي مشاركته في الحفل الذي أقيم
للإحتفال بتوقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، حيث دعاه الرئيس السادات
مع فرقته الموسيقية كممثلين عن الجانب المصري، حيث كان الحفل يتضمن فقرات
فنية يقدمها ممثلون عن كل طرف مصر وإسرائيل وأمريكا.
وكان اختيار رئاسة الجمهورية وقتها لفرقة عمر خورشيد شديد الذكاء بما
أنها تقدم فناً يحمل الطابع الشرقي وبعض لمسات الموسيقى الغربية مما يجعلها
مفهومة لمن سيحضرون الحفل ممن لا يعرفون اللغة العربية لكن بالتأكيد
سيتفاعلون مع الموسيقى لأن لها لغة واحدة.
ألغاز وشائعات حول وفاة عمر خورشيد
في الثلاثين من مايو 1981 تُوفي عمر خورشيد في حادث سيارة أليم في طريق
الهرم حيث اصطدمت سيارته بشاحنة، وكان بصحبته زوجته دينا التي تعرضت
لإصابات بالغة، وقد وصل عمر غلى المستشفى متأخراً حيث فارق الحياة.
وقد تداولت الأوساط الصحفية والفنية مجموعة إشاعات حول لغز الوفاة، حيث
كان عمر قد تلقى تهديدات بالقتل من جهات فلسطينية بعد حضوره حفل توقيع
اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، إلا أن هذا لم يكن له أساس من الصحة
حيث كان بإمكان هذه الجهات أن تقوم بقتله بعيداً عن مصر خاصة أنه كان دائم
السفر.
ومن الشائعات التي انتشرت ايضاً عقب وفاته أن الحادث كان من تدبير جهة
أمنية بسبب علاقته بابنة مسئول كبير في الدولة. كما قيل أن زوجته دينا كانت
لها يد في الحادث خاصة أنها كانت على خلاف معه بسبب زواجه من مها أبو عوف،
إلا أن ذلك غير قابل للتصديق لأن دينا كانت تصحبه في نفس السيارة عندما
وقع الحادث